إسلام أون لاين – القاهرة

تباينت آراء محللين سياسيين وناشطين مصريين، حول قرار دفع جماعة الإخوان المسلمين بالمهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام، للترشح للانتخابات الرئاسية، ففيما يعتبره البعض "قرارا صائبا”، و”إدراكا جيدا لخطورة الموقف”، يرفضه آخرون، ويعتبرون أنه "كان منتظرًا في ظل منهج "الاستحواذ” الإخواني على كل شيء”، فيما يرى طرف ثالث أنه جاء بعدما أدركت الجماعة "وجود مخطط يشارك فيه المجلس العسكري، بالتعاون مع قوى داخلية وخارجية، لإفشال تجربة حكم الإسلاميين في مصر”.

ويرى محللون، في تصريحات لـ”إسلام أون لاين"، أن "هناك سيناريوات عدة محتملة بعد هذا القرار، أولها: تفتيت أصوات الإسلاميين، وحدوث صدام بين الإخوان والجزء من التيار الإسلامي المؤيد للمرشح الإسلامي للرئاسة حازم أبو إسماعيل، والثاني: حدوث توافق بين الإخوان والسلفيين حول الشاطر ليكون الرئيس، وأبو إسماعيل نائبًا له، والثالث: ضغوط أمريكية على العسكري للتراجع عن تفاهمه مع الإخوان”.

وردًا على ما يتردد من أن دفع الإخوان بالشاطر يأتي في إطار المناورة والضغط على المجلس العسكري للرضوخ والاستجابة لطلب الجماعة بإقالة الجنزوري وتكليف الحرية والعدالة بتشكيل حكومة، قال الدكتور محمود غزلان، عضو مكتب الإرشاد، والمتحدث الإعلامي باسم الإخوان المسلمين، في تصريح صحافي، وصل "إسلام أون لاين” نسخة منه: "اتخذ مجلس شورى الإخوان المسلمين قراره بترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، وهذا القرار اتُّخذ للتنفيذ وليس للمناورة أو المساومة، وليس من حق أي فرد أن يصرِّح تصريحًا يتعارض مع هذا القرار ولا مع أهدافه”.

تصحيح للخطأ واستدراك للموقف

وفي تعليقه على الموضوع، يقول الكاتب والمحلل السياسي، خالد الشريف: "أرى أن ترشيح الإخوان للمهندس خيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة تصحيح للخطأ، وإدراك جيد لخطورة الموقف، فالمشهد السياسي مرتبك، ويحتاج للقول الفصل في مسألة المرشح الإسلامي، حتى لا تتفتت الأصوات، وتضيع فرصة الرئاسة على الإسلاميين”.

ويضيف الشريف، أمين المنتدى العالمي للوسطية في مصر، في تصريح خاص لـ”إسلام أون لاين": "أود أن أقول للذين يعيبون على الإخوان تراجعهم عن قولهم السابق بعدم ترشيح أحد منهم لمنصب الرئاسة، إن السياسة ليست قوالب جامدة، بل هي مرنة، تستوعب متغيرات الأحداث، واتخاذ القرار فيها يخضع للمصلحة العامة، وقاعدة درء المفاسد وجلب المصالح، وذلك من أجل رفعة واستقرار الوطن”.

وتابع: ” فليس عيبًا أن ترجع جماعة الإخوان عن رأيها في الترشح للرئاسة، مادامت ترى في ذلك مصلحة الأمة”.

واعتبر الشريف أن ترشيح الإخوان للشاطر هو من قبيل "السعي للعمل على تحقيق التناغم بين الرئيس وحكومة الأغلبية، حتى لا يؤدي ذلك لتشتت الجهود والخلاف والشقاق، فحينما يكون الرئيس من الإخوان، والحكومة إخوانية، فإن ذلك سيؤدي إلى التناغم، وليس الشقاق”.

وقال: "هناك خلاف قطعًا بين جماعة الإخوان والمجلس العسكري، حول سحب الثقة من حكومة الجنزوري، وقلنا قبل ذلك الجنزوري لا يصلح للمرحلة الراهنة، ولا يتناغم مع الثورة، بل هو استنساخ لنظام مبارك المخلوع، والرجل اليوم يطبق نظرية الأرض المحروقة، ليسلم البلاد مكبلة بالديون والمشكلات لحزب الأغلبية بعد الرئاسة، وهو ما أدركه الإخوان مؤخرًا”، معتبرًا أن "سحب الثقة من الجنزوري ضرورة ملحة لصلاح البلاد، لأن الرجل يخرب ولا يصلح، ويهدم دون أن يبني”.

وأوضح الشريف أن "العسكري يصر على موقفه، للأسف الشديد، وهو ما حدا بالإخوان للدفع بمرشح للرئاسة، لإدراكهم مشكلة عدم التناغم بين البرلمان والحكومة والرئاسة على السواء”. وأضاف "أرى أن كفاءة وقدرة الشاطر على تجاوز المرحلة كبيرة، فهو صاحب تضحيات وعقلية تؤهله لحكم البلاد، وصاحب حكمة وروية وهذا هو الأهم. لأننا لا نريد قائدًا عنتريًا يطلق تصريحات بالليل تدغدغ المشاعر، وتلهب الجماهير، ثم ينبطح بالنهار، فيضيع البلاد والعباد”.

وعن السيناريوات المحتملة خلال الأيام المقبلة، قال: "أتوقع انسحاب مرشحين إسلاميين من السباق، وتكتل التيار الإسلامي خلف الشاطر، وهو ما يقطع الطريق أمام الجميع، وسيتم إعادة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور لاستيعاب جميع الأطياف السياسية، واحتواء الخلاف، وستستمر حكومة الجنزوري في الوزارة”.

واختتم حديثه قائلاً: "أظن أن سباق الرئاسة سيكون الأعنف بين عمر سليمان – نائب رئيس الجمهورية السابق- والذي سيسحب أوراق ترشحه قريبًا، وإن كان لم يحدد قراره النهائي بعد، وبين المرشح الإسلامي الأوفر حظًا وجماهيرية خيرت الشاطر، وإن كان حازم أبو إسماعيل لا يزال الحصان الأسود في السباق الرئاسي حتى الآن”.

منهج "الاستحواذ” الإخواني!

وفي المقابل، قال المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، وكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري، إن قرار جماعة الإخوان المسلمين الدفع بالشاطر للترشح للرئاسة لم يكن غريبًا  على من يعرف ما قال أنه "تاريخ الجماعة في الخداع "، فمنذ زمن والجماعة ترفع شعار المشاركة لا المغالبة، وكما نرى الآن انتهى الأمر برغبتها في الاستحواذ على كل شيء: البرلمان بمجلسيه، الشعب والشورى، والجمعية التأسيسية للدستور”،  وهي في الطريق للحكومة، والرئاسة.

وردًا على سؤال: كيف تقرأ قرار مجلس شورى جماعة الإخوان بترشيح رجل الأعمال المهندس خيرت الشاطر، لمنصب رئيس الجمهورية؟ قال بهاء الدين شعبان، القيادي في حركة "كفاية”، في تصريح خاص لـ”إسلام أون لاين": "لا مفاجأة لدي، فالأمر كان منتظرًا في ظل منهج "التكويش” الإخواني على كل شيء في مصر، النتيجة الأولية تفتت الصوت الإسلامي بين 3 مرشحين أساسيين، لو لم يتم الضغط على بعضهم للتنازل”.

وقال: "المسألة واضحة ولا تحتاج لأدنى قدر من الجهد حتى ندرك أبعادها، واللعبة مرسومة بين المجلس العسكري والجماعة، وتمثيلية الخناقة إياها، الهدف منها خداع السذج، والذين على عيونهم غشاوة، والعفو العسكري عن خيرت الشاطر كانت رسالة مفتوحة لمن يريد أن يعلم”، مضيفًا "سنواجه أشرس المعارك التي سيشنها تحالف العسكر والأخوان”.

واتهم شعبان الإخوان المسلمين بالسعي لإعادة إنتاج الحزب الوطني الديمقراطي، بضيق أفقه واستبداده، مستنكرًا تراجع الجماعة عن قرار عدم ترشيحها أيًا من أعضائها بانتخابات الرئاسة، وقرارها بفصل أي عضو يخالف قرار الجماعة، وإعلانها رسميًا ترشيحها خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للانتخابات الرئاسية.

إفشال تجربة حكم الإسلاميين

ومن جهته، يرى الباحث والمحلل السياسي أحمد فوده، أن "قرار الإخوان الدفع بخيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة، يأتي في إطار التطورات التي شهدتها الساحة السياسية خلال الشهرين الماضيين، وتحديدًا منذ أن بدأت الجماعة تستشعر وجود مخطط يشارك فيه المجلس العسكري، بالتعاون مع قوى داخلية وخارجية، لإفشال تجربة حكم الإسلاميين في مصر، من خلال إظهارهم بمظهر الضعيف غير القادر على تحقيق مطالب المواطنين، وذلك عبر افتعال حكومة الجنزوري للازمات الحياتية، ورفض التعاون مع البرلمان”.

ويقول فوده، مدير مركز النخبة للدراسات في القاهرة، في تصريح خاص لـ”إسلام أون لاين": "أضف إلى هذا وصول معلومات للجماعة، تؤكد أن المجلس العسكري يسعى إلى إنجاح مرشحه لانتخابات الرئاسة وهو عمرو موسى، الذي يجد دعمًا قويًا من الخارج، بكل الطرق الممكنة، خاصة في ظل الصعود الكبير لحازم أبو إسماعيل”.

ويضيف: كل هذا دفع الجماعة لبدء حملة الإجراءات لسحب الثقة من حكومة الجنزوري، من أجل القضاء على الأزمات التي افتعلتها الحكومة، وسد أي طريق أمام محاولة تزوير الانتخابات.

ويتابع: "ومن ناحية أخرى، هددت الجماعة المجلس العسكري بأن ما يفعله سيؤدي إلى عدم تحقيق مبدأ الخروج الآمن، الذي يسعى إليه، وذلك من خلال إقرار نظام برلماني في الدستور الجديد، وهو ما سيعطي البرلمان سلطات واسعة، تمنع الرئيس القادم من تقديم ضمانات عدم الملاحقة القانونية لأعضاء المجلس العسكري”.

وقال فوده: "وقد بدأ هذا الصدام مكتومًا، إلا أنه أصبح معلنًا بعد حرب الإعلانات بين الطرفين، والتي جاءت كمخرج للازمة بعد أن تفاوضا ووصلا لحل كان لا بد من تسويقه للشعب وللخارج، يقوم على أساس دفع الجماعة بمرشح من أعضائها، وذلك من أجل تحقيق هدفين، أولهما: سيطرة الجماعة على منصب الرئاسة، من أجل ضمان الخروج الآمن للمجلس العسكري، فضلاً عن منع وصول حازم أبو إسماعيل للمنصب، وهو الأمر الذي سيمنع من ضمان هذا الخروج الآمن”.

وحول السيناريوات المحتملة؛ أوضح الباحث والمحلل السياسي أحمد فوده أن هناك عدة سيناريوات: الأول: هو حدوث صدام بين جماعة الإخوان وجزء من التيار الإسلامي يؤيد أبو إسماعيل، ما يؤدي إلى تفتيت الأصوات بينهما، وبالتالي سقوط أحدهما ودخول الآخر في جولة الإعادة مع عمرو موسى. الثاني: حدوث توافق بين الإخوان والسلفيين حول مرشح واحد هو خيرت الشاطر ليكون الرئيس، في حين يكون أبو إسماعيل نائبًا له، خاصة وأن الأخير يدور حديث حول حصول والدته على الجنسية الأمريكية وهو ما سيؤدي في حال ثبوته إلى عدم قدرته على استكمال السباق الانتخابي”.

واختتم فوده حديثه قائلاً: "السيناريو الثالث: هو وجود ضغوط أمريكية قوية على المجلس العسكري للتراجع عن تفاهمه مع الإخوان، من أجل السماح لعمرو موسى بالنجاح في الانتخابات، مع التصعيد ضد الجماعة في مسألة لجنة الدستور، من أجل منعها من إقرار النظام البرلماني، وهو ما يعني ضمان الخروج الآمن للمجلس العسكري، بعد وصول موسى لمنصب الرئاسة”.