- الجهاد في سوريا فرض عين لكننا لا نحبّذ ذهاب الشباب هناك
- تأسيس الأحزاب مُحرم.. والعلماء هم من يتكلمون في السياسة
- لم يكن هناك خلاف بين المقدسي والزرقاوي.. وهما وجهان لشخص واحد
بإجابات واضحة مقتضبة، يحدد القيادي البارز في التيار السلفي الجهادي في الأردن محمد الشلبي "أبو سياف” الخطوط العريضة لتياره.
وفي حواره مع "إسلام أون لاين”، يقول أبو سياف إنه لا يرى مصلحة في خروج الشباب إلى سوريا للجهاد، لأنه – بحسب رأيه – لا تحتاج الجماعات التي تقاوم النظام السوري إلى الرجال بقدر ما تحتاج إلى المال والسلاح، كما يعترف الرجل بأن هناك خلافا بين "جهاديي” الأردن حول جدوى القيام بالاعتصامات والمسيرات، واستبعد تحول التيار إلى حزب سياسي، في حين أنه لم ينف ما أسماه "إجراءات تهدف إلى لملمة الأوراق وترتيب الصفوف” داخل التنظيم.
ظل أبو سياف لفترة طويلة من أبرز المطلوبين للسلطات الأمنية في الأردن، عقب اقتحام قوات الأمن والجيش مدينة معان جنوب الأردن، مسقط رأسه، بدعوى وجود جماعات إرهابية، لكنه نجح في التواري عن الأنظار عاما كاملا، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه في سبتمبر 2003.
وبعد احتجاجات ومطالبات قام بها أهالي معان للإفراج عن أبنائهم المعتقلين، أصدر العاهل الأردني عفوا خاصا عن أبناء المدينة في 92 أغسطس الماضي، وكان أبو سياف ممن شملهم العفو.
يعتبر الرجل أحد أبرز قياديي التيار، وبعد إطلاق سراحه من السجن برز كقيادي ميداني مهم، ورغم عدم تحمسه لإجراء اللقاءات الإعلامية، استطاع "إسلام أون لاين” إجراء هذا الحوار معه.
حاوره: طارق النعيمات
إسلام أون لاين – عمان
- هل تعتقد أن ثورات الربيع العربي قوضت نظرياتكم في التغيير في الميل لاستخدام السلاح، خصوصا أن الأخير لم يستخدم في ثورات مصر وتونس واليمن؟
الصحيح أن الدعوة السلفية لا تميل إلى السلاح، وإنما مرجعها الكتاب والسنة، وتتعامل بواقعية مع الأمور، فالواقع على سبيل المثال، في أفغانستان يحتم على الدعوة السلفية استخدام السلاح، لكن واقع الأردن ومصر وتونس على سبيل المثال أيضا، لا يحتم على التيار استخدام السلاح. لكن الوضع في سوريا مختلف، فهناك يجب حمل السلاح للدفاع عن الأعراض والممتلكات، فقاعدتنا واضحة وهي أن المرجع هو الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
- وما موقفكم من التيارات الإسلامية الأخرى الموجودة على الساحة، سواء تلك التي تمارس السياسة أو التي تبتعد عنها؟
الذي يحدد موقفنا من الجميع هو قاعدة الولاء والبراء الشرعي، فعندما تقترب هذه الجماعات من الدعوة إلى الحق والتزام قواعد الإسلام فنحن معها، ومن يخالف تلك القواعد فنحن بدورنا نخالفه أيضا.
العمل السياسي والمراجعات
- وكيف تنظرون إلى العمل السياسي، خصوصا أن بعض التيارات السلفية أسست أحزابا وشاركت في الانتخابات كما حدث في مصر مؤخرا؟
نحن لا نرى جواز تأسيس الأحزاب السياسية في ظل الأنظمة الوضعية، ونحن نخالف كل الأحزاب السياسية التي دخلت في أنظمة لا تحكم بما أنزل الله، وشاركت في الانتخابات ودخلت البرلمان، فنحن في خلاف عقائدي مع تلك الأحزاب.
ونحن في الأردن على سبيل المثال نشارك الناس آلامها وأحزانها، ولا نفصل السياسة عن الدين، ونعتبر فصل السياسة عن الدين دعوة علمانية مبطنة خبيثة، والدين كله سياسة، والسياسة من الدين.
والسياسة الشرعية عندنا معروفة، لها ضوابطها ولها علماؤها الشرعيون، ولا نتعامل في السياسة من خلال السياسيين العلمانيين من خلال البرلمانات وغيرها، بل نتعامل من خلال الأئمة الذين كتبوا بالسياسة الشرعية وحددوا القواعد التي تحكم التعامل معها.
- هل قمتم بمراجعات داخل التيار، خصوصا أنكم نفذتم اعتصامات وتظاهرات خلال الفترة الماضية، وهو أمر غير مسبوق في أدبيات التيار؟
رؤية التيار لم تتغير أبدا، ولكننا نراعي الواقعية، ومن أجل ذلك قام بعض الإخوة في التيار باعتصامات، لأنهم وجدوا في ذلك مصلحة من خلال الخروج إلى الشارع لإظهار الحق وإزهاق الباطل ودفع المظالم، فوجدنا هذا الشيء مثمرا، رغم أن تلك الخطوة أحدثت انشقاقا داخل التيار، ولذلك نحن متوقفون في مسألة الاعتصامات، وننظر إلى تلك القضية من باب المصالح والمفاسد.
فنحن لا نرى الاعتصام في حد ذاته حلالا أو حراما، لكننا ننظر إلى المفاسد والمصالح التي تترتب على الاعتصام، فإذا تغلبت المصلحة فإننا نمضي نحو الاعتصام، وإذا حصل العكس، فلا داعي للاعتصام، ونحن نعلم أن تلك الطرق علمانية، ولكننا مارسناها لأن هناك آراء للعلماء تجيزها، رغم اعترافنا أيضا بأن هناك آراء شرعية تمنعها.
- هل صحيح أن التيار بدأ يتوجه نحو التنظيم المؤسسي من خلال تأسيس مجلس شورى ينظم أمور أبناء السلفية الجهادية في الأردن؟
الكلام عن تأسيس مجلس شورى للتيار غير صحيح، هناك رؤى وأفكار، لكنها لا تسعى إلى بناء حزب أو تكوين مجلس، وإنما تسعى إلى لملمة الأوراق ووضع النقاط على الحروف، وحل الإشكاليات الداخلية، وكشف شبهات يتعرض لها أفراد التيار، خصوصا أنه يشاع أن التيار يكفر الناس والمسلمين، وهذا الكلام غير صحيح، ونحن نسعى من خلال بعض الأفكار إلى بيان أن ما يشاع عن تكفيرنا للناس أمر غير صحيح. ونحن لا نكفر إلا من كفره الله ورسوله، بعد البحث في انتفاء الموانع وثبوت الشروط في حق الشخص المعين.
- ما موقفكم من تنظيم القاعدة، لاسيما وأن أحد أبرز علمائكم، وهو أبو محمد المقدسي، انتقد سابقا تصرفات القاعدة في العراق إبان قيادة أبو مصعب الزرقاوي لها؟
رأينا في تنظيم القاعدة أو في غيره ينبني على مدى سير هذا التنظيم على هدي الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، والمسألة أيضا يحدث فيها اختلاف رؤى شرعية، فقد يرى الشيخ الفلاني جواز تصرف معين في واقعة، لأن في ذلك مصلحة، وبينما يرى شيخ آخر خلاف ذلك.
وما قيل عن خلاف المقدسي وأبو مصعب غير صحيح، وهو خلاف في الرؤى الواقعية وليس خلافا عقديا، بل على العكس فالمقدسي والزرقاوي يمكن اعتبارهما وجهين لشخص واحد.
الجهاد في سوريا
- وماذا عن الأحداث في سوريا، وهل ترون وجوب خروج أبناء التيار للجهاد هناك؟
النظام هناك يقهر الشعب، كما هو واضح للجميع، ونرى من المصلحة أن يعلن الشعب الجهاد على النظام، وإجماع العلماء الآن على أن الجهاد في سوريا فرض عين. لكن المسألة هي خروج الناس من الدول الأخرى للجهاد في سوريا، ونحن نتوقف عند تلك المسألة، لأن لها مفاسد كثيرة، خاصة أن الجماعات المقاتلة في سوريا أجمعت على أنهم ليسوا بحاجة إلى الرجال بل هم بحاجة ماسة إلى المال والسلاح، وأن الرجال الذين يذهبون إلى هناك يشكلون عبئا.
وعلى الشباب الراغبين بالذهاب أن يسألوا العلماء الذين لهم دراية في الواقع، وأن لا تكون العملية عبثية، ويعتمد الشاب على الحماس فقط، الناجم عما يراه من جرائم النظام على التلفاز، ولا نحبذ خروج الشباب هناك أيضا لعدم وضوح الراية وانتفاء الأمن في الطريق.