سادسا: أشكال الاختبارات:
بالإضافة
لتعدد الاختبارات من حيث المحتوى والنوع، فكذلك هي تختلف وتتعدد من حيث الشكل، فهناك
الاختبارات التحريرية والشفهية والعملية بالإضافة لمراكز التقويم، ويمكن توضيح هذه
الاختبارات فيما يلي:
1. الاختبارات
التحريرية: تعد من أقدم طرق الاختيار وأكثرها شيوعا،
وتتضمن أسئلة مكتوبة وتستدعي إجابات مكتوبة. ومن مزاياها أنها اقل تكلفة مادية
(إجراء الاختبار لعدد كبير من المرشحين، وفي نفس الوقت)، وضمان العدالة بين
المتقدمين ( إعطائهم نفس الأسئلة)، وإجراءها لا يستغرق وقتا طويلا. لكن الاختبارات
التحريرية لا تكفي وحدها في بعض الأحيان لتقويم الجوانب المطلوبة في المتقدمين. وتنقسم
الامتحانات التحريرية إلى:
أ. اختبارات
مقالية: تتكون من أسئلة يجيب المتقدم كما يشاء دون التقيد بأسلوب
معين (يمكن الحكم على القدرة التحليلية والكتابية، ولكن الصعوبة في تقويم الإجابات
بأسلوب موحد).
ب. اختبارات
موضوعية: تتكون من إجابة
مكونة من كلمة واحدة أو رمز أو عدد أو جملة قصيرة أو اختيار إجابة واحدة من
عدد من الإجابات أو تحديد العبارات الصحيحة وغير الصحيحة أو تتكون من عمودين ويطلب
من المُختبر أن يختار من العمود الثاني ما يتفق معه من العمود الأول. ويفضل
استخدامها الاختبارات الموضوعية عندما يكون عدد المتقدمين كبير لسهولة تقويم
الإجابات (استخدام طريقة المسح الضوئي للتصحيح).
ج. اختبارات
إسقاطية: وتستخدم في اختبارات الشخصية لقياس الشخصية بشكل عام.
ويُطلب من المُختبر تفسير عدد من المثيرات المبهمة (صور أشخاص، رسومات مبهمة). وقد
يؤثر على إجابات المُختبر هذا النوع من الاختبارات الجوع أو الإرهاق أو النعاس أو
بيئة الاختبار، وكذلك تعليمات الامتحان.
د. اختبارات
المستودع الشخصية: وهي من الاختبارات الشخصية، وتتطلب الإجابة على
استبانات تتضمن ما يتعلق بالشعور والاتجاهات والاعتقادات والخصائص الشخصية
للمتقدم.
2. الاختبارات
العملية (اختبارات الأداء): وتهدف إلى تحديد مدى قدرة المتقدم على
القيام بمهام أعمال الوظيفة المتقدم لها، والتي يصعب قياسها بالاختبارات الأخرى (أعمال
تشغيل معدات أو أجهزة). وتدخل الاختبارات الموقفية أو اختبارات المحاكاة ضمن هذا
الشكل من الامتحانات، وكذلك اختبارات القدرة الجسدية (التحمل، القوة، اللياقة
البدنية)، و الاختبارات الحركية (الحواس، التناسق الحركي).
3. الاختبارات
الشفهية: وتهدف إلى التعرف على شخصية المرشح أو المتقدم من خلال
إجراء مقابلة معه واكتشاف (آراءه واتجاهاته وصفاته الخلقية والذهنية وسعة اطلاعه
ومدى إلمامه بالعمل). وهي ملائمة للوظائف العليا والتي يكون المتقدمون لها معدودين
في العادة. ويصعب في هذا الشكل تطبيق اختبارات ملائمة وموثوق بها.
4. مراكز
التقويم: وتستخدم لقياس قدرات ومهارات ومعارف المشاركين وذلك عن طريق
الاختبارات والاستبيانات والمقابلات الشخصية وتمارين المحاكاة، ويطلب من المتقدمين
أداء سلسلة من النشاطات والتمارين الفردية والجماعية للحكم على أدائهم لبعض
الجوانب الرئيسية للإعمال (التعامل مع الآخرين، القيادة الإدارية، كتابة التقارير،
إصدار الأحكام في الحالات الطارئة)، ويمضي الأفراد في المركز يوم أو أكثر. وهذه
المراكز تكاليفها عالية من حيث الوقت والجهد والمال. ومراكز التقويم تتمتع بصدق معياري
عالي وصدق محتوى عالي ولكن صدق البنية فيها منخفض. (رشيد، 1425هـ: 519- 525).
سابعا: التحقق من صدق الاختبارات:
لا تهدف الاختبارات الوظيفية إلى قياس الأفراد
أنفسهم، بل إلى قياس خصائص معينة يملكونها (مهارات شخصية، وقدرات ذهنية، وخصائص
شخصية متباينة)، وليس من السهل قياس مثل هذه الخصائص بسهولة كما تُقاس الأشياء
المادية، بحيث يكون المقياس متفق عليه في الغالب وأبعاد هذه الأشياء يمكن قياسها.
وبذلك يكون التحقق من صدق هذه الاختبارات مسألة مهمة (رشيد، 1425هـ: 525). ويعرف
مسيك التحقق من صدق الاختبار الوظيفي بأنه يهدف إلى الإجابة عن السؤال التالي: هل
الاختبار جيد كمقياس للخصائص التي يعد لقياسها؟ فعملية التحقق من صدق الاختبار
تشمل جمع معلومات عن مدى دقة التفسيرات لنتائج الاختبارات (البراك، 1415: 283).
وصدق الاختبار هو محاولة الإجابة على السؤال التالي: ماذا يقيس هذا الاختبار؟
ويعني أيضا، هل الاختبار له علاقة وطيدة بالمهنة؟ ويجب أن يكون الاختبار صحيح من
هذه الناحية، وبدون ذلك لا يوجد مبرر منطقي للاستمرار في العمل بمثل هذا الاختبار
(ديسلر،2009: 197). وفي الولايات المتحدة والتي تعد أكثر الدول استخداما للاختبارات
الوظيفية في الوظائف العامة وضعت هيئة الفرص المتساوية في التوظيف سنة 1978م
مجموعة من المعايير أُطلق عليها الخطوط العريضة الموحدة لإجراء اختيار الموظفين،
وتشكل مجموعة من المعايير الفنية للتحقق من صدق إجراءات الاختيار للوظائف، وكذلك
تبنت الجمعية الأمريكية لعلم النفس معايير مهنية للاختبارات النفسية. وتكمن
صعوبة التحقق من صدق الاختبارات الوظيفية في الأسباب الآتية:
1.
من الصعوبة بمكان تصميم اختبار يعكس ظروف
العمل الفعلية التي يمارس فيها الموظف عمله وتؤثر على أدائه (تأثير الضجيج، درجة
الخصوصية).
2.
دراسات التحقق من الصدق لابد أن تجرى على
عينات كبيرة من الأفراد (هناك صعوبة في الحصول على عينات بالأعداد المطلوبة).
3.
في الغالب لا تأخذ طرق التحقق من صدق
الاختبارات في الحسبان التحيزات الثقافية (عدم تكافئ الفرص في اكتساب الأدوات
والمهارات والتعلم المطلوب للأداء الجيد في الاختبارات الوظيفية).
4.
دراسات الصدق قد تتطلب إظهار وجود علاقة
بين نتائج الاختبار والأداء الفعلي للموظف في العمل ( قياس الأداء يثير الكثير من
المشكلات والصعوبات في القياس). (رشيد، 1425: 527- 528).
وبالرغم من ما يثار حول مسألة التحقق من صدق
الاختبارات، فإن هناك مجموعة من الوسائل يمكن استخدامها للتحقق من مدى صدق
الاختبارات الوظيفية، ويمكن تصنيفها كما يلي:
1. الأساليب
المعيارية (التجريبية): وتهدف إلى التحقق من صدق الاختبارات الوظيفية،
وفي الغالب يكون هذا المعيار هو الأداء الفعلي على رأس العمل. وتقوم على قياس قوة
الارتباط بين نتائج الاختبار ومستوى الأداء، باستخدام معامل الترابط الإحصائي ( r ) الذي يتراوح بين ( 1 ) و ( -1 ). بحيث يشير معامل الارتباط
المساوي للصفر إلى عدم وجود علاقة بين درجات الاختبار ومعدلات الأداء، ويدل الرقم
( 1 ) على علاقة تامة وإيجابية، والرقم ( -1 ) إلى وجود علاقة عكسية، ومن المستحيل
الوصول إلى علاقة تامة سواء ايجابية أو عكسية (معامل الارتباط مساوي لـ ( 1 ) أو (
-1 ))، ويشير بيش إلى أن معامل الارتباط للاختبارات الوظيفية يتراوح بين (0,25) و (0,40)،
وتشير جمعية علم النفس الأمريكية أن معامل الارتباط المساوي (0,20) يعد كافيا
لإثبات صدق الاختبارات (رشيد، 1425هـ: 532- 533). وتعتمد الأساليب التجريبية
على:
أ. الصدق
المتزامن: هو أسلوب اختبار الموظفين الذين على رأس العمل، ويتم الربط
إحصائيا بين نتائج اختباراتهم ونتائج تقويم أدائهم الوظيفي. فحصول الموظفون الأكثر
كفاءة على الدراجات الأعلى في الاختبار والموظفون الأقل كفاءة على الدرجات الأدنى،
يكون دليل على صدق الاختبار المستخدم. وما يعاب على هذه الطريقة افتراضها جمود
العمل وعدم التطور، ودور الخبرة لدى الموظف الذي على رأس العمل، وافتراض تماثل
الدافعية للموظفين وللمتقدمين للوظائف. كما أن تقويم الأداء الوظيفي يخضع للتقدير
الشخصي إلى حد ما (رشيد، 1425هـ: 533- 534).
ب. الصدق
التنبؤي: يعد من أفضل الأساليب للتحقق من صدق الاختبارات، ولكن
تطبيقه يتطلب جهد ووقت كبير لجمع المعلومات وكذلك تكاليفه المالية. وهناك أربع
نماذج تُعد من أكثر الصور استخداما في الصدق التنبؤي وهي:
1) المتابعة
والاختيار العشوائي: ويتم فيه اختبار المتقدمين ثم يتم توظيف عينة
عشوائية منهم بصرف النظر عن درجاتهم التي حصلوا عليها في الاختبار وقت التقديم،
وبعد مضي مدة من الزمن على توظيفهم يتم تقويم أدائهم، ثم مقارنة درجات اختبار
التقديم مع نتائج التقويم. وهذا النموذج يواجه صعوبة في التكاليف العالية للتوظيف
العشوائي، ويعارض مبدأ الجدارة في اختيار الموظفين سواء في القطاع العام (رشيد،
1425هـ: 535).
2) المتابعة
والنظام الحالي (يسعى هذا النموذج إلى التحقق من مدى صدق
اختبارات جديدة سيتم استخدامها للاختبارات الوظيفية): ويتم فيه اختيار الموظفين
وفقا للدرجات التي حصلوا عليها في الاختبار وقت التقديم، ثم يتم تقويم أدائهم بعد
مدة من الزمن على توظيفهم، بعد ذلك يأخذون الاختبار الجديد، ثم يتم ربط درجاتهم في
هذا الاختبار بنتائج تقويم أدائهم للتحقق من صدق الاختبار الجديد الذي سيتم
تطبيقه. وما يعاب على هذا النموذج أو الأسلوب أن الموظفين الحاليين تم توظيفهم على
أساس الدرجات التي حصلوا عليها في الاختبار، وهذا يعني أنه تم استبعاد أولئك الذين حصلوا على درجات
منخفضة، وبذلك لا يمكن الحكم على أدائهم لو تم توظيفهم، مما قد يحجب مدى صدق أسلوب
الاختبار الجديد (البراك، 1415هـ: 287).
3) التوظيف
ثم الاختبار: ويتم في هذا النموذج توظيف الأفراد دون إجراء
اختبار لهم، ثم يتم اختبارهم بعد مضي مدة من الزمن، ويُقوم أدائهم أيضا، ثم يتم الربط
بين درجات الاختبار ونتائج تقويم الأداء الوظيفي لهم. ويصعب تطبق هذا النموذج في
الأجهزة الحكومية لمخالفته لمبدأ الجدارة (رشيد، 1425هـ: 536).
4) الاختيار
عن طرق الاختبار: يعتبر من أكثر النماذج أو الأساليب استخداما،
وهو يتناسب مع متطلبات القطاع الحكومي وفقا لمبدأ الجدارة. يتم توظيف المتقدمين
لشغل الوظائف الشاغرة بناء على الدرجات التي حصلوا عليها في الاختبار، وبعد مضي
مدة من الزمن على توظيفهم وإجادتهم لإعمال وظائفهم بشكل معقول يتم قياس أدائهم، ثم
يتم ربط نتائج قياس الأداء بنتائج الاختبار، للتحقق من أن أداء الذين حصلوا على
درجات عالية في الاختبار كان أفضل من أداء الذين حصلوا على درجات منخفضة، بشرط
التأكد من أن الأداة المستخدمة لقياس الأداء هي في الأصل صادقة (البراك، 1415هـ:
287).
2. الأساليب
العقلانية: وتعتمد على الأحكام الشخصية ولا تقوم على
محاولة الربط بين نتائج الاختبار ومستوى الأداء. وتُستخدم هذه الأساليب عندما يكون
عدد المتقدمين قليل جدا، وتعتبر أدنى مرتبة من الأساليب المعيارية، لأنها اقل
موضوعية لاعتمادها على التقديرات الشخصية وتشمل الأساليب العقلانية الأتي:
أ. الصدق
الظاهري: وهو اقل أساليب التحقق من صدق الاختبارات أهمية، ويهدف إلى
إظهار ما إذا كان الاختبار يبدو في ظاهرة مرتبطا بالهدف الذي يُبتغى تحقيقه
(اختبارات وظيفة محلل ميزانية ملائمة أو تبين مقدرة الشخص في هذا المجال مثلا).
وليس من الحكمة الاكتفاء بالحكم على الاختبار انه صادق لمجرد انه يبدو صادقا
ظاهريا، فقد لا يكون الاختبار مرتبطا بخصائص يُراد قياسها فعلا، أو العكس.
ب. صدق
المحتوى: وهو يعتمد على الحكم الشخصي المنطقي لتحديد ما إذا كان
محتوى الاختبار يعكس الجوانب المختلفة من المهارات والمعارف والقدرات الضرورية
للأداء الناجح، وبذلك يُظهر مدى قوة العلاقة بين محتوى أسئلة الاختبار ومحتويات
العمل المبنية على تحليل الوظائف. ويفترض توافر صدق المحتوى عندما يشمل الاختبار
عينات معقولة للمهارات التي يحتاج إليها الموظف لأداء الوظيفة. وكلما كان محتوى
الاختبار مرتبطا بالعمل الفعلي كان صدق الاختبار أقوى (مثال ذلك اختبار قيادة
السيارة لوظيفة سائق). ولا يكون استخدام صدق المحتوى مناسبا عندما يتم تحديد
محتويات العمل بطريقة غير موضوعية.
ج. صدق
البنية: البنية هي خاصية شخصية كامنة وغير ملموسة. وتهدف هذه الطريق
إلى إقامة علاقة بين الأداء وخصائص نفسية أو قدرات ذهنية أو استعدادات للأفراد
يفترض أنها ضرورية للأداء الناجح لمهام الوظيفة (مثل الذكاء والأمانة والثقة
بالنفس والإبداع). فإذا كان الاختبار مصمم لقياس القدرة على القيادة فإن التحقق من
صدق البنية يسعى إلى التأكد من فرضية أن الاختبار يقيس القدرات القيادية. وتكمن
صعوبة التحقق من صدق الاختبار وفقا لهذا الأسلوب في أنه يتعامل مع خصائص ذهنية أو
نفسية مجردة من الصعب ملاحظتها. (البراك، 1415هـ: 284- 285).
ومن القضايا التي تثير جدلا وتتعلق بصدق
الاختبارات هو ما يسمى تعميم الصدق. ويسعى تعميم الصدق إلى الإجابة على السؤال
التالي: هل الاختبار الصادق لوظيفة معينة في جهة معينة يعد صادقا أيضا للوظيفة
ذاتها في جهة أخرى؟ والإجابة على هذا السؤال يشير إلى أن الاختبار الذي يكون
صادق في منظمة معينة يمكن أن يكون صادقا للعمل نفسه في منظمة أخرى، وذلك بافتراض
أن العملين متشابهين في المحتوى وليس في الاسم فقط (رشيد، 1425هـ: 536- 537). وقد
يكون الاختبار عالي الصدق في اختيار المتقدمين في جهة معين (القطاع العام) ويكون
عديم الفائدة في اختيار نفس المتقدمين لجهة أخرى (قطاع خاص).